سوريا الجديدة مابين السيادة أو العودة إلى عبودية الأقنعة

الكاتب: اتحاد سوريا العهد الجديد تاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

بقلم مروان غزاوي: سوريا الجديدة تقف على مفترق طرق؛ فإما أن تُبنى على سيادة حقيقية تحفظ كرامة مواطنيها بعيدًا عن التبعية، أو تعود إلى عبودية الأقنعة التي تخضع فيها الإرادة الوطنية لإملاءات الخارج واستبداد الداخل.

سوريا الجديدة مابين السيادة أو العودة إلى عبودية الأقنعة

عندما تهدأ المدافع، وتُطوى الرايات التي حملت الحرب على أكتافها، سيجد السوريون أنفسهم أمام سؤال مصيري: هل نعيد بناء وطن يكون سيد قراره، أم نقع مرة أخرى في شِباك التبعية المذلة؟.

سوريا اليوم تقف على أعتاب لحظة تاريخية، لحظة اختبار لكرامة شعب دفع أثمانًا باهظة ليتحرر، لا من نظام فقط، بل من عقود من الإملاءات والوصايات التي جعلت كرامته سلعة تُباع في أسواق المصالح الإقليمية والدولية.

لقد اكتفى السوري من الخضوع؛ خضوعٍ تَجلّى في تلك العلاقة المشوهة بين الحاكم والمحكوم. علاقة كان فيها المواطن مجرد تابع، بينما القائد هو "النجم الساطع"، المعبود الذي يُعظم بألقاب فخمة لا تنتمي إلا للخيال، في الوقت الذي يُلقي فيه هذا القائد بنفسه تحت أقدام الساسة الأجانب، طالبًا رضاهم وشرعيتهم. هذه العلاقة، التي تمتد جذورها إلى ذهنية عربية استسلمت لسطوة الأشخاص على حساب المبادئ، هي ما يجب أن يُدفن مع سقوط النظام.

في الغرب، يقدّس المواطن الكرامة والقانون، وليس الأشخاص. هناك، لا يصطف الناس لمسح أكتاف القائد أو التماس كلمة منه، بل يُحاسبونه، ويُذكرونه بأن وظيفته هي خدمة الشعب. أما عندنا، فكان الحال مختلفًا؛ القائد هو الإله، ومساعده إلهٌ أصغر، وابن خاله أو عمه يُعامل وكأنه وريث السماء. وكل هذا في مقابل شعب يعاني من الإذلال في الداخل والخارج. هذا التناقض المخجل يجب أن ينتهي، وإلا فإننا سنعود إلى دائرة عبودية جديدة، عبودية قد ترتدي قناعًا مختلفًا لكنها تحتفظ بنفس جوهر الاستبداد.

سوريا الجديدة يجب أن تكون دولة تُبنى على السيادة الحقيقية، سيادة تبدأ من احترام المواطن السوري لكرامته أولاً، ومطالبة قادته بوضع هذه الكرامة فوق كل اعتبار. ليست السيادة في رفع الشعارات أو إطلاق التصريحات، بل في بناء دولة لا تخضع لإملاءات أي جهة خارجية، مهما كان حجمها أو نفوذها. سوريا ليست ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية، وليست رقعة شطرنج تتحرك فيها قطع اللاعبين الكبار؛ هي وطن، وهي ملك لشعبها فقط.

نعلم جيداً كـ شعب أن التحديات الإقليمية والدولية لن تكون سهلة. فكل قوة ستسعى لفرض أجندتها على سوريا الجديدة، مستغلة الجراح التي تركتها الحرب. لكن إذا كان للسوريين درس تعلموه خلال العقد الماضي، فهو أن لا أحد يهتم لكرامتهم أو مستقبلهم سوى أنفسهم. التبعية لأي طرف خارجي تعني تنازلًا عن هذا المستقبل، وعودة إلى زمن تُباع فيه سوريا في غرف مغلقة مقابل صفقات سرية.

في اللحظة التي يقف فيها السوري أمام وطنه الجديد، يجب أن يسأل نفسه: ما هو معيار نجاح قائدنا القادم؟ إن لم يكن المعيار هو رفع كرامة المواطن السوري فوق كل اعتبار، فكل شعارات الحرية والديمقراطية ستكون مجرد أقنعة جديدة لنفس الاستبداد القديم.

سوريا بحاجة إلى قيادة تجعل كرامة المواطن خطًا أحمر لا يُساوم عليه، لأن الكرامة هي الأساس الحقيقي لأي سيادة.
ويجب أن يعلم شركاء الوطن أننا أمام مفترق طرق، والطريق الذي نختاره اليوم سيحدد مصير أجيال قادمة. فإما أن نبني وطنًا حقيقيًا، أو نبقى أسرى لعبودية كاذبة، نخدع أنفسنا فيها بشعارات جوفاء. الخيار بأيدينا، لكن علينا أن نتذكر دائمًا: الكرامة هي حجر الأساس لكل ما هو قادم. بدونها، لن تكون سوريا أكثر من اسم آخر على خارطة تتقاذفها الرياح.

بقلم أ. مروان محمود غزاوي / عضو اتحاد سوريا العهد الجديد 




قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

8301667542222144432

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث