بقلم أ. علاء الباشا: لدينا العديد من الأيادي الخفية التي تحاول العبث بالمشهد السياسي، ويظهر بوضوح في محاولات تشكيل تجمعات سياسية تُصنف على أنها ثورية.
بعد سنوات من النضال والأمل في بناء سوريا حرة ومستقرة، يبرز المؤتمر الوطني العام كأحد اللحظات المفصلية التي ستشكل مستقبل البلاد السياسي. فالعمل على ترتيبات المؤتمر يجري بوتيرة عالية، من خلال ترتيب الدعوات وتوجهها إلى شخصيات سياسية مستقلة، مع حرص دائم على أن يكون هذا الحدث نقطة انطلاق نحو مشاركة حقيقية وشاملة. بالتأكيد دعوة الافراد لا الكيانات له هدف واحد وهوألا تهيمن جهة أو فئة معينة على هذا اللقاء الوطني، بل أن يكون لكل مكون صوت في صياغة المستقبل.
القيادة الجديدة تسعى إلى وضع آلية اختيار قائمة على الشمولية التامة التي تعكس تنوع الشعب السوري، دون التحيز لأي مؤسسات أو تجمعات بعينها. وهذه الخطوة تعد مؤشرًا قويًا على نية القيادة في عدم إفساح المجال لأية جهة سياسية أو مؤسسية للتحكم بالمؤتمر وفرض أجنداتها الخاصة.
وحسب مصادر من القيادة السياسية سيُقدر عدد المدعوين بنحو ألف إلى 1135 شخص، وبرأينا هوعدد كافٍ ليعكس تنوع المجتمع السوري ويضمن تمثيلًا عادلًا لكل أطيافه.
يتمثل الهدف الرئيس من هذه الدعوات في ضمان مشاركة فاعلة من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، بما يسهم في تشكيل قوى وطنية قادرة على العمل من أجل سوريا الجديدة. ما يجعل هذه الآلية قوية هو أنها تمنح فرصة حقيقية لصياغة مقترحات بناءة تؤسس لمرحلة من الاستقرار السياسي، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال انبثاق مجموعات عمل وورشات متخصصة تهدف إلى دراسة الملفات الشائكة التي ما زالت تشغل بال المجتمع السوري، وعلى رأسها صياغة الدستور الجديد للبلاد.
الشمولية كأساس للانتقال السياسي
حكومة الإنقاذ والقيادة السياسية، وحتى القيادة العسكرية، تنتهج فكرة الشمولية في تنظيم المرحلة الانتقالية. وبرأينا هذا التوجه يتماشى مع الفكر التنظيمي الذي يتمتع به السيد أحمد الشرع، لكونه تربى في بيئة تشدد على أهمية الشورى في اتخاذ القرارات المصيرية، مما يمنع تركيز السلطات في يد فرد واحد أو جهة معينة. وهنا النقطة الايجابية بأنه لا يمكن تصور نجاح الانتقال السياسي في سوريا من دون إدراك أن الشورى والمشاركة الواسعة في صنع القرار هما السبيل الوحيد لتحقيق التوازن السياسي والاجتماعي. خصوصًا في بيئة مجتمعية متعددة الألوان والأطياف. فلا انقسامات ولا إقصاء لأي جهة. بل هو نظام يعتمد على التعددية السياسية والتمثيل المتوازن لضمان استمرار التعايش بين مختلف المكونات الوطنية.
التحديات والمخاطر التي تهدد الاستقرار
من جهة أخرى، لابد من جميع الجهات التأني وعدم البدء ببث الكراهية، فلا يمكن إغفال أن الوضع السوري ما زال في مرحلة حساسة للغاية، لدينا العديد من الأيادي الخفية التي تحاول العبث بالمشهد السياسي. وتتمثل في عناصر متحالفة مع رجالات النظام الهارب الذين يسعون، رغم فرارهم للخارج، إلى إحداث التشويش وإضعاف هذه الجهود . ويظهر بوضوح في محاولات تشكيل تجمعات سياسية تُصنف على أنها ثورية، لكنها في الواقع تمثل محاولة لإعادة تكرار النمط ذاته، لكن بوجه جديد، مع تمويل وإدارة من أزلام النظام البائد .
فما شهده الساحل السوري الأسبوع الماضي من فوضى، لم يكن إلا مؤشراً على وجود جهات خفية تحاول التأثير على الساحة السياسية والأمنية وتوجيه الأحداث لصالح أجندات تخدم مصالح النظام الفاسد.
إلا أن التفاؤل يبقى هو الأفق الأكثر إشراقًا. فالتنظيم الجيد للمؤتمر الوطني العام، والسعي الجاد لتوحيد الرؤى الوطنية من خلال النقاشات المستفيضة والورش المتخصصة التي ستكون، من شأنه أن يُفضي إلى مقترحات بناء تهدف إلى معالجة القضايا الشائكة التي ما زالت تؤرق المجتمع السوري.و ستمكننا من التغلب على الانقسامات الداخلية، ومنح الأمل للجميع بأن يشهدوا على ولادة سوريا حرة.
ختماً أقول؛ المؤتمر الوطني العام ليس مجرد محفل سياسي تقليدي، ولا مكان حضور للتباهي، أو متجر تُقسم فيه الكعكة، بل هو نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي في سوريا ومن يعطلها سيكون بمكان أعداء الشعب. هذه المرحلة تتطلب إرادة سياسية قوية وشجاعة في اتخاذ القرارات التي تضمن أن سوريا المستقبل ستكون منطلقًا للديمقراطية والشراكة، أما الشمولية في تمثيل الشعب السوري خلال هذا المؤتمر، يعكس رغبة الجميع في إعادة بناء سوريا على أسس سليمة بعيدًا عن الهيمنة أو التفرد.
لهذا أقول أننا يجب أن نكون جميعًا على استعداد لمواجهة التحديات المقبلة، لأن سوريا المستقرة والمتطورة هي التي تبنى بيد كل أبنائها، بعيدًا عن الانقسامات والمصالح الضيقة.
أ. علاء الباشا
المنسق العام لـ اتحاد سوريا العهد الجديد

إرسال تعليق