أ. علاء الباشا : تواجه سوريا أزمة مركبة لا تقتصر على النظام الحاكم فحسب، بل تشمل منظومة اقتصادية واجتماعية متجذرة دعمت استمراره. لـ تحقيق التغيير الجذري يتطلب معالجة شاملة لأركان هذه المنظومة لضمان بناء دولة عادلة ومستقرة.
الأزمة السورية تُحل بالتغيير الجذري للنظام الاقتصادي والاجتماعي
المشكلة في سوريا ليست مقتصرة على العصابة الحاكمة المتمثلة في عائلة الأسد فقط، بل تمتد إلى المنظومة الكاملة التي دعمت بقاء هذا النظام واستفادت منه. فمنذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، كانت المطالب واضحة: الحرية والكرامة وتغيير النظام بالكامل. إلا أن المنظومة الاقتصادية والسياسية التي اعتمد عليها النظام كانت عاملًا أساسيًا في إحباط التغيير المنشود.
في تاريخ 09/12/ 2011، أُطلقنا ما عُرف بـ"إضراب الكرامة"، وكان الهدف منه إيقاف عجلة الاقتصاد عبر إغلاق شامل للأسواق لمدة أسبوع واحد. وفعلا خرجت التظاهرات في عموم سوريا وحملت العنوان ، وتحديدا تم التركيز على دمشق وحلب لكونهما نواة سوريا الإقتصادية، ورغم استجابة أصحاب المشاريع الصغيرة والحرفيين واصحاب المتاجر بشكل كبير، فإن التجار الكبار والشركات المتوسطة التي كانت مرتبطة بمصالح مباشرة مع النظام رفضت الانضمام واستمرت في عملها. هذا الموقف لم يكن فقط خذلانًا للثورة، بل سمح للنظام وأذرعه الأمنية بتحطيم المحال وتصفية الحسابات مع المستجيبين، وحتى أنه أودى لإعتقال بعضا من من أغلق محاله.
اليوم، إذا أردنا تحقيق أهداف الثورة، لا بد من تغيير كامل للنظام.
أي نظام سياسي يعتمد على ركيزتين أساسيتين: الأمن والجيش من جهة، والاقتصاد من جهة أخرى. في الحالة السورية، الجهاز الأمني والعسكري للنظام فقد قوته، لكن المشكلة الأخطر تكمن في الاقتصاد. ما يقرب من 60% من اقتصاد البلاد لا يزال في قبضة شخصيات استفادت من النظام السابق وبَنَت شراكات معه. هؤلاء الأشخاص يتحكمون حتى الآن في سعر العملات والبضائع، مما يعمق الأزمة الاقتصادية.
من دون معالجة جذرية لهذه المعضلة، سيبقى أي تغيير شكليًا وغير مستدام. الحل يبدأ بتحديد أسماء الشركات الكبرى ورجال الأعمال الذين استفادوا من النظام وتورطوا في دعمه. من الضروري إخضاع هؤلاء لتحقيقات ومحاكمات عادلة لضمان قطع صلتهم بالمنظومة القديمة وردع أي استغلال مستقبلي.
الوضع الحالي في سوريا اليوم يهدد بثورة جديدة، لكن هذه المرة لن تكون ثورة للحرية والكرامة أو لتغيير النظام، بل ستكون "ثورة جياع". أصحاب رؤوس الأموال من الفئة 1/2/3 يتجنبون ضخ أموالهم في السوق، أي أنهم يأخذون ولا
يطرحون وهذا يشمل شراء الحاجبات الغير ضرورية، وتوقف المتاجرة بين بعضهم وبين أصحاب الدخل المحدود، مما يؤدي إلى عجز كبير في القدرة الشرائية، فرغم توفر السلع. الشعب السوري اليوم يواجه مفارقة قاتلة: توافر السلع يقابله غياب الأموال، وهو ما ينذر بانفجار شعبي ضد أصحاب الثروات والرأسمالية المحلية.
في هذا السياق، أمام القيادة الحالية خياران لا ثالث لهما: إما ضبط الاقتصاد عبر تقييد حركة المتحكمين به، وتحقيق توازن بين العرض والقدرة الشرائية، أو مواجهة فوضى شعبية شاملة. لأن استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى ظهور عصابات منظمة وأعمال نهب وسرقة، مما ينقل سوريا من أزمة سياسية إلى أزمة اجتماعية واقتصادية شاملة.
الشعب كان صامتًا على الفقر لسببين: أولًا، وجود قبضة حديدية ظالمة تقيد الحريات. ثانيًا، عدم توفر البضائع والمستلزمات كما هو الحال الآن. ومع زوال هذين السببين، ستتعالى الأصوات، ولن يكون هناك ما يمنع قيام ثورة الجياع.
ختاماً أقول إن الفرصة لا تزال قائمة لإنقاذ البلاد من الانهيار التام، لكن ذلك يتطلب خطوات حقيقية وقرارات حاسمة تنحاز لمصلحة الشعب، فبناء الدولة يجب أن يكون من الداخل للخارج، وسوريا كـ دولة تستطيع أن تعيش على الإكتفاء الذاتي وهنا يختفي موضوع إهمالها داخلياً وجعل إهتمام القيادة مُنصب نحو الخارج .
في هذا السياق، أمام القيادة الحالية خياران لا ثالث لهما: إما ضبط الاقتصاد عبر تقييد حركة المتحكمين به، وتحقيق توازن بين العرض والقدرة الشرائية، أو مواجهة فوضى شعبية شاملة. لأن استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى ظهور عصابات منظمة وأعمال نهب وسرقة، مما ينقل سوريا من أزمة سياسية إلى أزمة اجتماعية واقتصادية شاملة.
الشعب كان صامتًا على الفقر لسببين: أولًا، وجود قبضة حديدية ظالمة تقيد الحريات. ثانيًا، عدم توفر البضائع والمستلزمات كما هو الحال الآن. ومع زوال هذين السببين، ستتعالى الأصوات، ولن يكون هناك ما يمنع قيام ثورة الجياع.
ختاماً أقول إن الفرصة لا تزال قائمة لإنقاذ البلاد من الانهيار التام، لكن ذلك يتطلب خطوات حقيقية وقرارات حاسمة تنحاز لمصلحة الشعب، فبناء الدولة يجب أن يكون من الداخل للخارج، وسوريا كـ دولة تستطيع أن تعيش على الإكتفاء الذاتي وهنا يختفي موضوع إهمالها داخلياً وجعل إهتمام القيادة مُنصب نحو الخارج .
أ. علاء الباشا : المنسق العام لـ اتحاد سوريا العهد الجديد.
إرسال تعليق