الطائفية مقبرة الأمم وسوريا لن تموت

الكاتب: اتحاد سوريا العهد الجديد تاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

 

بقلم أ. دانية عبد الهادي : لطالما كانت الطائفية الخنجر الذي تمزقت به أوصال الأمم، والشرارة التي أشعلت حروبًا لم تبقِ ولم تذر. هي ليست مجرد خلافٍ بين طوائف، بل لعنة تُحوّل الشعوب إلى أعداء داخل وطن واحد، فتضعفهم حتى يصبحوا فريسة سهلة لكل طامع. فعبر التاريخ، سقطت دولٌ في مستنقعها ولم تقم لها قائمة، بينما أدركت أخرى أن التكاتف هو طوق النجاة الوحيد، فنجت وبَنَت مستقبلها من رماد الفتنة. واليوم، يقف السوريون على مفترق طرق، بين دروس الأمم التي مزقتها الطائفية، وتلك التي اختارت الوحدة، ليقرروا أي مصير سيكون لهم.

حين تنتحر الشعوب بأيديها

في القرن العشرين، كانت حرب لبنان مثالًا حيًا على ما تفعله الطائفية بالأوطان. بدأ الصراع بمطالب سياسية، لكنه سرعان ما تحول إلى حرب أهلية دامت خمسة عشر عامًا، حيث أصبح الجار عدوًا والشريك في الوطن غريبًا. لم يخرج أي طرف منتصرًا، بل خسر الجميع، وظل لبنان حتى اليوم يدفع ثمن تلك الحقبة التي قسمت مجتمعه وجعلته هشًا أمام أي أزمة.  

أما في العراق، فقد أدرك المحتل أن أسهل طريقة لكسر شعب عريق هي الطائفية، فزرع الانقسام بين السنة والشيعة، وحول الخلافات السياسية إلى صراعات دموية. بدلًا من بناء بلد موحد بعد سقوط صدام، فوقع العراق في مستنقع الاحتراب الداخلي، ولم تكن النتيجة سوى المزيد من الخراب والدماء.  

لكن على الجانب الآخر، هناك أمم أدركت أن الوحدة أقوى من أي خلاف. رواندا، التي عانت من أحد أبشع الإبادات الجماعية في العصر الحديث بسبب الصراع العرقي بين الهوتو والتوتسي، استطاعت بعد المجازر أن تنقلب على الطائفية. 

اليوم، تعد رواندا واحدة من أكثر الدول استقرارًا في إفريقيا، لأنها اختارت المصالحة على الانتقام، وبناء المستقبل على حساب أحقاد الماضي.  

وفي جنوب إفريقيا، لم يكن من السهل الخروج من إرث الفصل العنصري، لكن بقيادة نيلسون مانديلا، أدرك الشعب أن المصير المشترك أهم من الصراعات العرقية، وأن التحالف بين الفقراء من كل الأطياف أقوى من أي دعوة للانقسام.  

سوريا.. الطائفية ليست قدرها

وفي قلب هذا المشهد العالمي، تقف سوريا، البلد الذي حاول النظام البائد أن يغرقه في مستنقع الطائفية، لكنه فشل. وعلى مدار التاريخ، لم تكن سوريا بلدًا طائفيًا، ولم تعرف هذه النزعة إلا عندما استخدمها نظام الأسد سلاحًا ليقسم الشعب ويضمن بقاؤه.  

حين اندلعت الثورة، لم يكن السوريون يسألون بعضهم عن طوائفهم، بل عن موقفهم من الحرية والكرامة. لكن نظام أسد، بعد أن فقد السيطرة، لجأ إلى آخر أوراقه: التخويف من الآخر، شحن النفوس، وإيهام طائفة أنها مهددة، وطائفة أخرى أنها ضحية. لكنه لم ينجح إلا جزئيًا، فبقيت جذوة الوحدة أقوى من محاولاته.  

واليوم، وهو في منفاه في روسيا، يرسل فلوله ليموتوا في سبيل أوهامه، بينما يعيش هو في أمان. تركهم ليواجهوا مصيرهم، بعدما سرق أرواحهم، ونهب مستقبلهم، وجعلهم وقودًا لحروبه الخاسرة. لكنه لم يدرك أن الشعب السوري تعلم، وأنه بات يعرف أن معركته ليست فقط ضد بقايا النظام، بل ضد الأفكار التي حاول زرعها بينهم.  

لهذا، لن يكون السوريون طائفيين. لأنهم يدركون أن الطائفية ليست سلاحًا في أيديهم، بل خنجرًا في ظهورهم. الحرب اليوم على فلول النظام ليست فقط لاستعادة سوريا، بل لاستعادة وحدتها، وضمان ألا يكون فيها مكان لطاغية جديد أو لصراع مفتعل.  

لكن أيضًا، يجب على السلطة العسكرية في القيادة أن تكون واعية، فأي انتهاك من قبل عناصرها، أي ممارسات قد تُفسَّر كتمييز أو انتقام، لن تكون سوى وقودٍ جديدٍ للطائفية. فالمسؤولية الكبرى اليوم ليست فقط تحقيق النصر، بل ضمان ألا يتحول هذا النصر إلى بذرة انقسام جديد. 


ما تحتاجه سوريا اليوم في عهدها الجديد ليس فقط الخلاص من نظام الأسد، بل الخلاص من كل ما زرعه في العقول والقلوب. وعلى السوريين بكل طوائفهم ومكوناتهم أن يحاربوا الطائفية كما يحاربون الطغيان، وألا يسمحوا لأحد بجرهم إلى صراعات لا نصر فيها. اتحاد سوريا العهد الجديد ليس مجرد شعار، بل ضرورة، لأن المستقبل لا يبنى إلا بالأيدي المتشابكة، لا بالأيدي المتقاتلة.  


الاستاذة دانية عبد الهادي / عضو مؤسس اتحاد سوريا العهد الجديد

محامية وعضو في منظمة حقوق الإنسان، حاصلة على درجة البكالوريوس في القانون الدولي، وتتمتع بخبرة واسعة في الدفاع عن قضايا الحقوق المدنية والسياسية.



#سوريا_تأبى_الطائفية #لا_للطائفية #الشعب_السوري_واحد #سوريا_لن_تموت #اتحاد_سوريا_العهد_الجديد #ضد_بقايا_الأسد #ثورة_حرية #معًا_لإنهاء_الطائفية #سوريا_المستقبل





قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

8301667542222144432

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث