أ. علاء الباشا يكتب: في لحظة فارقة من تحولات الشرق الأوسط، الولايات المتحدة تعلن عن نيتها الانسحاب من سوريا خلال شهرين، في خطوة قد تُقرأ ظاهرياً كإعادة تموضع، لكنها في العمق تعني تغيّراً جذرياً في موازين القوى داخل الساحة السورية. الانسحاب الأميركي من سوريا لا يترك فقط فراغاً عسكرياً، بل يطرح أسئلة وجودية لإسرائيل: من يحمي ظهرها في عملياتها داخل سوريا؟ ومن يملأ الفراغ الأميركي؟
وفي المقابل، تلوح تركيا في الأفق لاعباً أكثر جرأة، مدعومة بتفاهمات غير معلنة مع واشنطن، ومحذّرة إسرائيل من تجاوز "الخطوط الحمراء". وسط كل ذلك، تعود دمشق تدريجياً إلى الساحة الإقليمية عبر بوابة الانفتاح العربي والدولي، ممهدة لمرحلة عنوانها: استقرار بعد عاصفة.
هل انتهت الحماية الأمريكية وبدأت المواجهة الإسرائيلية؟
ضجت وسائل الإعلام متحدثة عن الإعلان الأميركي بـ الانسحاب التدريجي من سوريا خلال شهرين، نقلاً عن إدارة الرئيس دونالد ترامب، وهذا ليس مجرد خبر عابر. بل قرار بإعادة رسم لخريطة النفوذ الإقليمي، وتحديداً لإسرائيل التي اعتادت على الغطاء الأميركي في عملياتها الجوية ضد سوريا. واليوم، تتهيأ المنطقة لتحول استراتيجي : انسحاب أميركا لا يعني فقط نهاية وجود عسكري، بل نهاية حماية غير مباشرة لإسرائيل.وعلى المقلب الآخر، إسرائيل، وفق مصادر إعلامية، تسعى لإقناع واشنطن بعدم الانسحاب الكامل. لكنها أيضاً تدرك أن النفوذ الأميركي لم يعد كما كان. ولأن "الفراغ لا يبقى طويلاً"، وهنا تتخوف تل أبيب من أن تملأ تركيا هذا الفراغ في ظل التقارب الأميركي التركي، ليس فقط عسكرياً، بل سياسياً، عبر تفاهمات خفية أو معلنة مع الأميركيين. هنا، تصبح حرية إسرائيل في التحرك داخل سوريا أكثر تعقيداً، وأقل أماناً.
#تركيا_تحذر | التفاهم في العلن... والتحذير في السر
حسب مطلعين، اللقاءات الأخيرة بين وفدين تركي وإسرائيلي في أذربيجان لم تُثمر عن اتفاق واضح. ولكن الرسائل التركية باتت أكثر وضوحاً: "لا رغبة بالمواجهة، لكن هناك خطوط حمراء". التحذير التركي من استمرار الغارات الإسرائيلية في سوريا، خاصة مع الحديث عن قواعد تركية في تدمر، يعني أن تركيا بدأت ترسم حدود نفوذها... وقد يكون ذلك بالتنسيق مع واشنطن.وفي خضم #توافق_أميركي_تركي قد يرى البعض في الانسحاب الأميركي محاولة لتسليم مفاتيح الملف السوري لأنقرة، خصوصاً في الشمال والشرق السوري. وإذا كان ذلك صحيحاً، فإن تل أبيب تجد نفسها في مأزق: لم تعد وحدها اللاعب المدعوم. بل قد تصبح هدفاً محاطاً برسائل الردع من حلفاء واشنطن الجدد على الأرض.
#سوريا_الجديدة | من بوابة الانفتاح إلى عهد الاستقرار؟
وسط هذا المشهد المليء بالاصطفافات، بدأت دمشق تستعيد شيئاً من مكانتها. فالانفتاح العربي والدولي على سوريا، ومحاولات إبعادها عن محور العقوبات، تفتح باباً نحو استقرار طال انتظاره. فكلما قلّت التدخلات الأجنبية وتراجعت العمليات العسكرية، اقتربت سوريا من لحظة إعادة بناء الدولة، وربما الجيش، ضمن معادلات داخلية لا خارجية.
و #خلاصة_المشهد لا عودة للوراء، انسحاب أميركا لا يعني فقط نهاية تواجد... بل نهاية مرحلة. ومرحلة ما بعد الانسحاب قد تكون أكثر تعقيداً: إسرائيل من دون غطاء، تركيا في موقع متقدم، وسوريا تتهيأ للاستقرار تحت معادلة جديدة. وفي غياب الحروب الكبرى، قد تبدأ المعركة السياسية الأكثر تأثيراً: فمن سيحكم النفوذ في سوريا؟
بقلم أ. علاء الباشا / اتحاد سوريا العهد الجديد
إرسال تعليق